فهم منكري السنة الآيتان التاليتان فهماُ سقيما
قال الله تعالى: اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (3) الاعراف
أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الأعراف
الزنادقة قد صور لهم جهلهم أو أرادوا هم أن يصوروا للناس بعنادهم أن محمد – صلى الله عليه وسلم – ولي من دون الله ؟ وأن هديه وإرشاده وبيانه للقرآن الذي أنزله الله عليه دين آخر غير الدين الذي بعثه الله به ،فحذرهم الله الإيمان بسنته والعمل بها ؟!
أرأيت جهلاً أجهل من هذا الجهل ؟!
أم أرأيت عناداً وحماقة أشنع من هذا العناد وتلك الحماقة ؟!
وكيف يكون محمد –صلى الله عليه وسلم – بهذه المنزلة الذي يناصب الله فيها للعداء ؟! والله يقول له قبل هذه الآية (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2) أما قوله في الآية ( اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (3) الاعراف
فهي تثبيت للمؤمنين على ما بعث الله به رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ، ونهى عن اتباع سبل الباطل وعبادة الأصنام والأوثان ، والإعتقاد في غير الله نافعاً وضاراً ، خالقاً ، رازقاً ، محيياً ،مييتاً ، رافعاً ، خافضاً ......الخ
هلا سأل رؤوس الجهل والضلال هؤلاء أنفسهم :
كيف يبعث الله رسولاً وينزل إليه وحياً ، ثم يتخذ منه منافساً له ، ويحذر من أرسله إليهم من إتباعه؟
إنهم بذلك يسئون الى الله جل شأنه ، ويصفونه بلا لا يليق بجلاله وحكمته.
أما الآية الثانية:
فهى حديث صريح عن المكذبين بآيات الله، الذين آثروا الكفر على الإيمان .
وقد جاءت الآية في السياق القرآني الحكيم وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) سورة الأعراف
إن هذه الآيات جميعاً تنعي على الكفار كفرهم ، وتشير إلى دلائل الإيمان اللائحة أمامهم، وتضفي هالة على رسوله الكريم ، والحديث المذكور في الآية ( فبأي حديث بعده يؤمنون ) هو حديث الإيمان و دلائله ومظاهرة العلوية والسفلية ، فكيف فهم هؤلاء الأغبياء أن الآية فيها تنظير بين القرآن وبين حديث من أنزل عليه القرآن ، وأن الإستفهام الإنكاري ورد في الآية للتحذير من اتباع الحديث النبوي ؟
أليس هذا أغرب ما يقع في وهم واهم ، أو تخليط محموم ؟
لو كان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يزعم هؤلاء الأغبياء لما أرسله رحمة للعالمين ، وهادياً ومبشراً ونذيراً.
إن سوء النية بادياً على أفواههم، وفيما تسطر أقلامهم وإلا فمالذي أعماهم عن قوله تعالى ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)
سورة الأعراف
دقق النظر في نظم الآيتين ، تجد التصريح باتباع الرسول ورد مرتين : مضارعاً وأمراً : ( يتبعون ، اتبعوه )
ثم تأمل هذه الجمل ( يأمرهم – ينهاهم – يحل لهم – يحرم عليهم – يضع ) تجد الفاعل فيها عائداً على الرسول ، فهو الآمر ، والناهي ، والمحلل ، والمحرم ، والواضع ، فما هى دلالة هذا الصنع مع أنه مبلغ عن الله في الأمر ، والنهي ، والتحليل ، والتحريم ،وفي وضع الأغلال .
إن دلالة هذا النظم البديع أن لرسول الله دوراً في تأدية الرسالة ، وبيان ما انزل الله عليه من القرآن وما هداه إليه من ير، القرآن مما تضمنه سنة المطهرة ، وأحاديثه المشرفة ، لأن الله آتاه القرآن ومثله معه .
لم يكن السلاح الذي قاوم محمد به الباطل هو القرآن وحده ، بل كان القرآن والسنة معاً.
القرآن ضياء كالشمس ، والسنة نور كالقمر .
وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هى مفاتيح مافي القرآن من كنوز ، والأداه التي وصلت الأمة بما في القرآن من قيم ومبادىء وأسرار.
د. عبدالعظيم إبراهيم المطعني
الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية.