الرد على من قال أن الجن بشر وأن البشر غير الإنس.

الرد على من قال بأن البشر والإنس جنسين مختلفين وأن الجن والبشر جنس واحد.وإثبات أن الإنس والبشر جنس واحد وأن الجن جنس مختلف:

1- الإنس والبشر:
زعم منكرو السنة ولا أدري ما دليلهم على زعمهم بأن الإنس مخلوق غير البشر ولعل هذا بسبب نفيهم للترادف في القرآن الكريم. فقالوا أن البشر مخلوق أقدم من الإنس حاله كحال الحيوانات بلا عقل ولا فهم، فلما نفخت فيه الروح صار إنسانا عاقلا فاهما، وسموها بالأنسنة. ولا تعدوا هذه إلا أن تكون خرافة من نسج الخيال.وإن استخدموا في ذلك آيات لووا أعناقها لتوافق هذه الخرافة.
ونقول للرد على هذه الخرافة والله أعلم من قبل ومن بعد:
نسأل سؤالا:
هل الجنس الموجود الآن من الإنس أم من البشر؟
فإن قالوا أنهم من الإنس فقد قال الله تعالى مخاطبا نبيه: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) هل يعني هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس إنسانا وهو كالحيوانات؟؟
وقال تعالى على لسان قوم نوح عليه السلام: (ما نراك إلا بشرا مثلنا) فهل يعني هذا أن نوحا لم يكن إنسانا؟
بل وخاطب أنبياءه على أنهم من البشر فقال: (وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا)؟
إذاً فالتفريق بين البشر والإنس تفريق باطل من أصله. 
وقد أثبت الله تعالى أن البشر والإنس شيء واحد فقال لمريم عليها السلام(فإما ترين من البشر أحدا) ونسأل :هل كان في زمنها بشر غير مأنسنين؟ إن قالوا نعم فقد كذبهم الله تعالى بقوله (فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا). وإن قالوا لا فقد أسقطوا قولهم بأنفسهم.
هذا والله تعالى أعلم.


2- الجن والبشر:
تجاهل منكرو السنة معنى لفظ"الجن\الإنس\البشر" في اللغة، ومستدلين بقوله تعالى: (يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم) وقالوا أن الرسول بشر فكيف يرسل  
إلى الجن لو كانوا خلقا مختلفا عن الناس؟ ، وقالوا أن البشر والإنس خلق متطور  
أكثر من الجن.
وردا على هذا نقول والله أعلم:
إن الآية السابقة لا دلالة فيها على كون الجن والبشر جنس واحد. ثم ما المانع من أن  
الله أرسل للجن جنّاً رُسُلا؟ وما المانع أيضا تبليغ رُسُل البشر رسالة الله إلى  
الجن؟؟
ثم ما قول القائلين بهذا القول في قوله تعالى: (إلا إبليس كان من الجن) وقال في  
موضع آخر عن إبليس(قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين إلى  
يوم الوقت المعلوم) وقال في موضع آخر(أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من  
طين) ثم قال في موضع آخر(إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم).
الذي أريد أن أصل إليه من هذه الآيات هو: أن إبليس وجد قبل آدم وإبليس من الجن  
وآدم هو أول بشري، ثم إن إبليس من المنظرين إلى يوم البعث فلو كان بشريا أين  
أستطيع أن أجد إبليس بين البشر؟؟
وإن كان بشريا فكيف يُعقل أن يرانا هو وقبيله ولا نراه؟؟ وإن كان بشريا فكيف  
يقارن بينه وبين آدم في أصل الخلقة ويجعل نفسه خيرا منه، ولا نجد اعتراضا من  
الله تعالى على قول إبليس أنه خير من آدم في الخلقة؟
ثم في قوله تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين* فسجد الملائكة كلهم أجمعون* إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين) الشاهد: لو كان الجن بشرا ، فلماذا يخبر الله أنه سيخلق بشرا وهو قد خلقهم من قبل؟ ومن المعلوم أن إبليس من الجن وكان قبل آدم.
كل هذا دليل على أن الجن شيء مختلف حقيقة وخلقةً عن الإنس والبشر.

أما في قوله تعالى: "يا معشر الجن والإنس" فإن لفظ معشر نداء شامل لجميع  
المذكورات فيه. ولا يعني بالضرورة أن يكون المعنيون بلفظ معشر متحدين في  
الجنس والنوع. ثانيا: إن الواو هنا تفيد المغايرة. كقوله تعالى: (السماوات والأرض)  
فالسماوات شيء مختلف عن الأرض، كذلك في قوله تعالى:(الجن والإنس) أفادت  
الواو المغايرة، ولو كان أن الجن والإنس جنس واحد لكان الأولى أن يقول "يا معشر  
الجن الإنس" وهذا غير حاصل.
وهل في قوله تعالى: (وحُشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير) هل لو كان  
البشر والجن جنس واحد سيكون معنى الآية "حشر لسليمان جنوده من البشر  
والبشر"؟؟ ثم إنه بدلالة لفظ (الطير) دل على أن الثلاثة أجناس مختلفة إلا إن قالوا  
أن الطير أيضا من الإنس أو البشر ليكون المعنى"حشر لسليمان جنوده من البشر  
والبشر والبشر" وهذا حشو قبيح والعياذ بالله.
وفي قوله تعالى:(قال عفريت من الجن) فقد خصص وقال أن العفريت من الجن ولو  
كان الجن والبشر جنس واحد لما اضطر إلى قول(من الجن) وهذا دليل على اختلاف  
جنسيهما.

كما أن الجن والبشر مختلفون في أصل الخلقة
قال تعالى:(خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار)  
وقال(أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) إن في هذه الآيات دلالة قطعية  
على أن الجن خلق مختلف في حقيقته عن خلق البشر. والآيات أوضح من أن  
نستطرد في شرح دلالتها.

أما في القول بأن البشر مخلوق متطور من الجن أو أكثر تطورا منه، فهذا قول  
يسقط بقوله تعالى على لسان إبليس:(أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من  
طين) ولم نجد اعتراضا من الله تعالى أو ردا على هذا الزعم من إبليس ولو كان  
إبليس كاذبا في هذا لبين الله تعالى أمره. وعلى ذلك كيف يكون البشر"طين" قد  
تطور من الجن"نار" ومادة النار مختلفة جذريا عن مادة الطين، هل يُعقل أن تتحول  
النار إلى طين؟ طبعا لا. الأمر الآخر كيف يكون البشر مخلوق أكثر تطورا من الجن  
والجن في خلقته كما قال تعالى على لسان إبليس(أنا خير منه خلقتني من نار  
وخلقته من طين)؟ كيف يكون المُتطَوِر أقل من المُتَطَوَّر منه؟.

وبعد ما قدمناه بفضل الله من الإثباتات على أن الجن خلق مختلف عن البشر،  
نعود إلى الآية التي استدلوا بها، ونقول:
إن إرسال الرسل للجن دليل قاطع على أنهم مكلفون تماما كالبشر. وللرد على  
سؤالهم هذا "وقالوا أن الرسول بشر فكيف يرسل إلى الجن لو كانوا خلقا مختلفا  
عن الناس؟" نقول:
إن الإجابة في قوله تعالى: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما  
حضروه قالوا أنصتوا) وقوله تعالى: (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا  
إنا سمعنا قرآنا عجبا).وهذا على الرغم من اختلاف خلقتهم وأنهم كما قال  
تعالى(يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم)، وقوله تعالى: (وما أرسلناك إلا كافة  
للعالمين) وقد فُهم من هذا أنه أرسل إلى كل مكلف في العالمين بدلالة ما أثبتناه  
سابقا، والجن من جملة العالمين.

ثم إن منكري السنة أو منكري القرآن والسنة كما حُق أن يسموا، بقولهم أن الجن والبشر مخلوق واحد، خالفوا أحد أكبر أصولهم وهو "إنكار الترادف في القرآن" وهذا إقرار منهم بالترادف.
هذا والله جل جلاله أعلم.

ولو لاحظ القراء أنهم عملوا بقاعدتهم "نفي الترادف" في القول ان البشر مختلف عن الانس. ولكنهم عطلوا القاعدة عندما ارادوا ان يزعموا ان البشر والجن جنس واحد.
وإن دل هذا فإنه يدل على ان الأهواء هي التي تحركهم وان حب الكذب والتحريف يجري في عقولهم التي عطلوها.

الترجمة